موضوع عن الريف

لسكن
في أطراف العاصمة: بحث [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
المفقود







كتبهاعلي طمبل ، في 6 يوليو 2008
الساعة: 08:00 ص





السكن في أطراف العاصمة: بحث [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
المفقود
علي صالح
طمبل
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]دما
اقترح والدي ـ رحمه الله ـ شراء تلك القطعة السكنية بأحد أحياء الخرطوم
استنكر كثير من الأقارب هذا المسلك وعدوه إهداراً للأموال في ما لا طائل من
ورائه، خاصة وأن الأرض تقع في منطقة غير مأهولة بالسكان إلا من بضع بيوت
متفرقة هنا وهناك تفتقر إلى أبسط الخدمات التي يتطلبها أقل حيٍّ سكني
متمدن.
ولكن والدي لم يأبه لتلك المزاعم، وأصر على شراء
القطعة السكنية، بل سارع إلى نقل الأسرة للسكن في المنزل الجديد الذي شيده،
بالرغم من الصعوبات والمخاطر التي قد تواجه الأسرة في هذا الحي الذي يكاد
يكون خالياً من السكان!
ولكن ما هي إلا سنوات قليلة حتى قفز الحي قفزات
كبيرة من حيث المباني والخدمات، فاستطالت فيه العمارات الفخمة وانتصبت فيه
البيوت الراقية، وشقت الطرق المعبدة شوارعه طولاً وعرضاً.
ورويداً رويداً صار الحي قبلة للسكان من المهاجرين
إلى العاصمة من الولايات أو الذين قضوا سنوات عمرهم في الاغتراب، وارتفعت
أسعار القطع السكنية فيه لتبلغ أرقاماً فلكية، وسط دهشة السكان الذين كانوا
يرون في كل يوم عمارة تُشيَّد، أو طريقاً يُعبَّد، أو مؤسسة تحط رحالها.
وصار الذين كرهوا شراء القطع السكنية بالأمس القريب يعضون على أيديهم من
الحسرة والأسف!
ولكن كان الثمن الذي قدمه سكان الحي مقابل الحياة
المدنية أن يتخلوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
معالم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
التي كانت تميز هذا الحي وكثيراً من أحياء العاصمة الخرطوم.
ما زلت أذكر تربية الأغنام والدجاج والحمام في
المنازل.. وأذكر التداخل الشديد بين الجيران حتى أنك تجد جارك أقرب من
قريبك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]د
المحن والملمات، فتتبادل معه الطعام والأدوات والمعدات المنزلية، وتلجأ
إليه في الأفراح والأتراح، كما يقول المثل: (جارك القريب ولا ود امك
البعيد).
وشيئاً فشيئاً غزت الحياة المدنية أحياء الخرطوم،
وتساقطت أشياء [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الجميلة أمام المدنية الطاغية، فاختفت تربية الحيوانات المنزلية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]دما
استعاض السكان [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
منتجاتها بالمنتجات المصنعة المعروضة في البقالات الحديثة، وسكن الحي سكان
جدد بثوا ثقافة الاستقلال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الآخرين. وإذا التقيت بأحدهم وسألته [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
سبب اختفائه تعلل بأنه مشغول!
والواقع أن كثيراً من الجيران استقلوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الآخرين حين توفرت لهم وسائل الراحة والترفيه في منازلهم، من مكيفات
وفضائيات وأجهزة حديثة؛ فاستغنوا بها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الجيران، وصارت بديلاً للملتقيات التي كانت تجمع السكان بشكل يومي، بل
صارت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]د
بعضهم بديلاً للصلاة في المسجد! ـ عياذاً بالله ـ.
ولم يكن غريباً أن يحن الكثيرون إلى حياة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]،
وأن يبحثوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
أشيائه التي تذكرهم بسنوات الطفولة وذكريات البساطة الخالية من التكلف
والرياء اللذين طغيا على حياة المدينة.. لم يكن غريباً أن يفضل الكثيرون
السكن في أطراف العاصمة بحثاً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
ما فقدوه في وسطها، لما تتميز به تلك الأنحاء من احتفاظ بملامح [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
التي لم يفقدها سكانها بعد.
إنها ليست دعوة مناوئة للمدنية والتقدم، ولكنها
دعوة لنعيش [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
في نفوسنا إن لم نستطع أن نعيشه في أحيائنا.. بكل بساطته وشفافيته.. دعوة
لنبذ التكلف والتبذل؛ فهما ليسا من الدين في شيء، قال تعالى: (قل ما أسألكم
عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) [ص: 86].

أضف الى مفضلتك